هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات حامد الجدعاني
لكل من يعشق المعرفة و أدواتها
مرحبا بكم في منتديات حامد الجدعاني اللهم اجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا و جلاء همومنا و أحزاننا اللهم علمنا منه ما جهلنا و فهمنا منه ما استغلق علينا القرآن نور القلوب و حياتها و راحة النفوس و أنسها خيركم من تعلم القرآن و علمه
منتديات حامد الجدعاني ترحب بكم قال الرسول صلى الله عليه و سلم { تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً ( كتاب الله و سنتي) } قال صلى الله عليه و سلم { أُتيتُ القرآن و مثله معه } السنة النبوية المطهرة شارحةُ القرآن و مفصلةُ التبيان قال النبي الكريم { عليكم بسنتي و سنة الخلفاء المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ } من عمل بكتاب الله و اقتدى بسنة النبي و خلفائه فهو من الفرقة الناجية المنصورة بحول الله و قوته
عدد المساهمات : 204 تاريخ التسجيل : 09/10/2009 العمر : 56
موضوع: قصيدة عينية - ابن زريق البغدادي - اكثر من رائعة الإثنين 26 أكتوبر 2009, 5:03 am
قصيدة عينية - ابن زريق البغدادي - اكثر من رائعة
قصة القصيدة
وهذا شاعرٌ قتله طموحه ، يعرفه دارسو الأدب ومحبّوه ، لكنهم لا يعرفون له غير هذا الأثر الشعري الفريد يتناقله الرواة ، وتعنى به دواوين الشعر العربي ؛ فإذا ما تساءلنا عن الشاعر وعن سائر شعره فلن نظفر من بين ثنايا الصفحات بغيـــر بضعة سطور تحكي لنا مأساة الشاعر العباسي / ابن زريق البغدادي الذي ارتحل عن موطنه الأصلي في بغداد قاصداً بلاد الأندلس ، عله يجد فيها من لين العيــــش وسعة الرزق ما يعوضه عن فقره ، ويترك الشاعر في بغداد زوجة يحبها وتحبـه كل الحب ، ويخلص لها وتخلص له كل الإخلاص ، من أجلها يهاجر ويسافر ويغترب وفي الأندلس - كما تقول لنا الروايات وا لأخبار المتناثرة - يجاهد الشاعر ويكافح من أجل تحقيق الحلم ، لكن التوفيق لا يصاحبه ، والحظ لا يبتسم له ، فهناك يمرض، ويشتد به المرض ، ثم تــكون نهايته في الـــغربة ؛ ويضيف الرواة بـــعداً جديداً للمأساة ، فيقولون أن هذه القصيدة التي لا يعرف له شعرٌ سواها وجدت معــــه عند وفاته سنة أربعمائة وعشرين من الهجرة ، يخاطب فيها زوجته ، ويؤكد لها حبه حتى الرمق الأخير من حياته ، ويترك لنا - نحن قراءه من بعده - خلاصة أمينة لتجربته مع الغربة والرحيل ، من أجل الرزق وفي سبيل زوجته التي نصحته بعدم الرحيل فلم يستمع إليها ، ثم هو في ختام قصيدته نادم - حيث لم يعد ينفع النــدم أو يجدي - متصدع القلب من لـــوعةٍ وأسى ، حيث لا أنيـــس ولا رفيـق ولا معين . والمتأمل في قصيدة ابن زريق البغدادي لا بد له أن يــكتشف على الــــفور رقة التعبير فيهــا ، وصدق العاطفة ، وحرارة التجربة ؛ فهي تنم عن أصالة شاعـــر مطبوع له لغته الشعرية المتفردة ، وخياله الشعري الوثّاب ، وصياغته البليغــــة الــمرهفة ، ونفســـــه الشعري الممتد ؛ والغـــريب ألا يكون لابن زريق غير هذه القصيدة ، مثله كمثل دوقلة المنبجي الذي لم تحفظ له كتب تراثنا الشعري غيــر قصيدته (( اليتيمة )) .. وهكذا استحق الشاعران فضل البقاء والذكر - في ذاكرة الشعر العربي كله - بقصيدة واحدة لكل منهما .. وبالمقابل ، ما أكثر الــشعراء الذين لا تعيهم ذاكرتنا ، بالرغــم من أنهم سوّدوا مئات الصفحات وتركوا عشرات القصائد وزحموا الدواوين والمكتبات ؛
يستهل ابن زريق قصيدته بمخاطبة زوجته ، يناشدها ألا تعذله أو تلومه ، فقـــد أثر فيه اللوم وآذاه ، وأضـــر به بدلا من أن ينفعه ، إنــه هنا يبـــسط بين يديها أسباب رحيله عنها وتركه لها طمعاً في الرزق الفسيح والــعيش الهانئ الوثير ؛ وسرعــــان ما يعلن عن ندمه لأن ما أمله لم يتحقق ، وما رجاه من رزق وفيـــر لم يتح له .. ؛ ثم يلتفت ابن زريق التفاتة محب عاشق إلى بغداد ، حيث زوجـــته التي تركها دون أن يستمع إلى نصحهــــا ، إنها مملكته التي أضاعها ولــــم يحسن تدبيرها وعرشه الذي خلع عنه .. ؛ وفي ختام القصيدة يــصف ابن زريق - في تعبيرٍ صافٍ مؤثرٍ ونسيج شعري محكم - واقع حاله في الغربة ، بيــــــن الأسى واللوعة ، والألم والندم ، وهنا ينفسح مجال التأمل ، وينطلق اللســــان بالحكمة التي أنضجتها التجربة ، ويشرق القـــــلبُ بالدموع .
والآن مع القصيدة
لا تعذليـــــهِ ، فـإن العــذلَ يولِـعُهُ قد قــلتِ حقــاًّ ولـكن ليس يسـمعهُ
جاوزتِ فــي لــومــهِ حـدّاً أضرَّ بهِ مــن حيث قدرتِ أن اللـــومَ ينـفعهُ
فاستعملي الرفقَ فـي تأنيبهِ بـــدلاً من عذلهِ فهو مضنى القلبِ موجعهُ
قد كان مضطلعاً بالخــطبِ يحمــلهُ فضُيِّـقتْ بخطـــوبِ الدهرِ أضـــلعُهُ
يكفيــهِ من لوعةِ التشـتيـتِ أن لــهُ من النَّــــوى كلَّ يومٍ مــــا يــروِّعهُ
مــــا آبَ من سـفــرٍ إلاّ وأزعَجــــهُ رأيٌ إلى سَفَرٍ بالعـــــزمِ يزمــــعــهُ
كــــأنّمــــا هو في حلٍّ ومرتــحــلٍ مـــوكَّــلٌ بقضــاءِ الــلّه يذرعـــــهُ