كثير ما اسمع عن اثر التربية الأيمانية واثر الإيمانيات في التربية . سؤالي : هل التربية الإيمانية فقط في إلقاء المواضيع أم أن هناك وسائل أخرى ؟ ( أرجو التفصيل ) . :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجواب :بإلقاء نظرة عاجلة على طريقة النبي صلى الله عليه وسلم تدرك أن التربية الإيمانية ليست مقصورة على إلقاء المواضيع ، بل لا يبعد أن أقول أن بعض الوسائل الأخرى أشد وأبلغ أثراً في التربية ، ومن ذلك :
- القدوة الحسنة وتمثل الإسلام في الهدي والسلوك ، فلسنا نعاني من القلة في الطرح لمثل هذه المواضيع ، وإنما نعاني من قلة القدوات الحية ، التي تترجم هذا الكلام إلى واقع ، ألم تسمع إلى وصف الصحابة ( أنهم كانوا قرآناً يمشي على الأرض ) ، وإلى قول عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم ( كان خلقه القرآن ).
إن رجوعنا إلى السيرة ودراسة سير الصالحين مما يقرب النفس من بلوغ هذه الغاية العظيمة والمقصد التربوي النبيل ، (أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ).
- وفي كتاب الله من تهذيب النفوس وقرع القلوب وتذكيرها بالآخرة الغنية والكفاية ،فعليك بذلك، ولذلك لم يكن رسول الله صلى الله عليه و سلم وصحابته من بعده والصالحين من هذه الأمة يتركون وردهم اليومي منه ، وكان من سنتهم ختم القرآن في ثلاث أو خمس أو سبع أو خمس عشرة أو شهر ، كما في محاورة النبي صلى الله عليه و سلم مع عبد الله بن عمرو رضي الله عنه.
- ومن وسائل التربية الإيمانية : الخلوة الشرعية ( الاعتكاف) والبعد عن الناس فترة ولو قصيرة ، لما فيها من انشغال الإنسان بنفسه وتذكر عيوبها ومحاسبته لها وقد كان ذلك هدياً للنبي صلى الله عليه و سلم.
- التفكر في أسماء الله وصفاته وآثارها على العبد ، من تعظيم الله وخشيته والصلة به سبحانه ، ولو أدركت نفوسنا عظمة الله ، لعظم الافتقار إليه والتذلل بين يديه وهذا من أنفع الطرق للعبد ، ولكن (وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ).
- ومن وسائل التربية الإيمانية : التفكر في مخلوقات الله وعظمتها الدالة على عظمته سبحانه (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِي الألْبَابِ ) وقد قال الحسن البصري رحمه الله ( تفكر ساعة خير من عبادة سنة ) ، ومكث سفيان الثوري رحمه الله سيد التابعين ليلة كاملة واضعاً يده على خده يتفكر ويعتبر في الموت والآخرة ، وكان أحياناً يقول ويكرر( النار النار ، أشغلني ذكر النار ).
- إنما شرعت الصلاة للصلة بين الخالق والمخلوق ، ومن تأمل ما فيها من الأدعية والأذكار ، علم أن من أحسن العمل لها أحسنت إليه الغاية ، من توريث الإيمان والطمأنينة ، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يعظم شأنها ، ويعلي قدرها ، وكان يصلي بأصحابه ويُسمع لهم أزيز كأزيز المرجل من أثر قراءته وخشوعه صلى الله عليه وسلم ، وكما هو الشأن فيها ، فهو في غيرها من العبادات كالصيام والحج وغيرها ، ولكن من يتأمل ؟!.
- الحرص على سماع المواعظ، وقد كان من هدي الصحابة ( اجلس بنا نؤمن ساعة).
- المنافسة في الخيرات والمسابقة إلى الطاعات وقد وصف الله الصالحين من عباده بـ (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ)الآية .
__________________
الحمد لله رب العالمين