الكونفوشيوسية
تنتشر في قارة آسيا أديان كثيرة، يُطلق عليها أحياناً اسم الأديان الشرقية ومنها: الهندوسية والبوذية والسيخية والكونفوشيوسية وغيرها. وقد رأينا أنْ نتحدثَ عن أهم هذه الأديان وأكثرها انتشاراً ؛ لعدة أسباب، منها:
1- أنّ كثيراً من أتْباع هذه الأديان انتشروا في البلاد العربية والإسلامية، وخاصة في دول الخليج العربي، التي قدِموا إليها للعمل والتجارة، فأثّروا في أبنائها، لا سيّما وأنّ جزءًا منهم يعملون في المنازل، كخدم وسائقين ومزارعين، الأمر الذي جعلهم دائمي الاحتكاك بمن يَخدمونهم ويعملون لديهم، وخاصة فئة الأطفال، حيث تهمل الكثير من الأسر المسلمة تربية أولادها، وتوكل ذلك إلى الخدم، وكثير منهم من غير المسلمين. كما شهدت السنوات الأخيرة قدوم عدد كبير من العمّال الصينيين إلى الدول العربية والإسلامية، بالإضافة إلى تزايد توجه المسلمين نحو الصين ودول آسيا الأخرى كتايلند والهند وكوريا للتجارة والسياحة والدراسة.
2- أنّ عدداً من عقائد هذه الأديان تسربت إلى بعض الفِرق المنتسبة للإسلام كالصوفية، كما بين ذلك الدكتور عبد الله نومسوك، في كتاب له عن البوذية وتأثر الصوفية بها. كما تسربت بعض هذه الأفكار إلى المسلمين عبر بعض مدربي التنمية البشرية، وعبر نشر رياضة (اليوغا) التي تزعم الوصول بالإنسان للرقي والسمو.
3- أنه رُصدت بعض الحالات لمسلمين تركوا دينهم واتّبعوا هذه الأديان؛ بزعم أنّ فيها الطهارة والصفاء والتأمل.
4- أنّ بعض هذه الأديان أصبحت تنتشر في أوروبا وفي الولايات المتحدة، ودول أخرى، وتجد هناك التأييد؛ بل وأصبح اعتناق البوذية ـ على سبيل المثال ـ "موضة" بين مشاهير الفن وغيرهم في الغرب، ولعلّ من أسباب ذلك حالة الخواء التي يعيشها الغربيون، وكذلك الإعجاب الذي يبديه العالم (للدلاي لاما)، القائد الدِّيني الأعلى للبوذيين التبتيين، والمعارض للاحتلال الصيني لبلاده، وأصبحت رموز البوذية وتماثيل بوذا تُقدَم للعالم على أنها "إرث إنساني" لا بُدَّ من المحافظة عليه ودعمه، ولعلنا لم ننسَ الضجة الكبيرة التي قامت في العالم كله في عام 2001؛ عندما أعلنت حركة طالبان عزمها على تدمير تمثالين عملاقين لبوذا في أفغانستان.
5- امتلاك بعض المسلمين معلومات خاطئة حول هذه الأديان، من قَبيل اعتقاد البعض بأن بوذا أو كونفوشيوس، نبيّان، أو أنّ بعض هذه الأديان سماويّة.
والواجب علينا تحفيز المسلمين للدعوة إلى الله في أوساط أتباع هذه الديانات، وبذل الجهود لإنقاذهم مما هم فيه من وثنية وخرافة وشرك وعبادة لغير الله.
8- الكونفوشيوسية
الكونفوشيوسية مذهب سياسي اجتماعي ديني ظهر في الصين في القرن السادس قبل الميلاد، ثم صارت ديانة الصينيين، ويشكل الإنسانُ والمجتمع البشري محورها، وهي جزء لا يتجزأ من ثقافة الصين وتراثها.
المؤسس :
يعتبر كونفوشيوس، المولود في سنة 551 قبل الميلاد، مؤسس هذه العقيدة، واسمه يتكون من مقطعين: الأول: كونغ kung)) وهو اسم القبيلة التي ينتمي إليها، وفوتس (Futze) ومعناها: الرئيس أو الفيلسوف، وبالتالي فإنّ اسمه يعني: رئيس كونغ أو فيلسوفها أو حكيمها.
ويعتقد أن كونفوشيوس مات عن 72 سنة، أي في سنة 478 ق.م، أو في سنة 479 بعد أن تقلّد عدداً من المناصب، وكان مقرباً من بعض الأمراء والولاة.
أهم العقائد والأفكار والمبادئ:
1- يُعتبر كونفوشيوس صاحب فلسفة ومبادئ اجتماعية دنيوية، ولم يكن نبيّاً، وقد بالغ فيه أتْباعهُ بعد موته، وعظّموه، ومن ذلك قول أحد تلاميذه فيه: "إنه الشمسُ، القمر الذي يستحيل الصعود إليه، إن استحالة أن نجد مكافئاً لمعلِمنا تشابه استحالة الوصول إلى السماء بالصعود على سلَّم".
كما أوصله أتْباعه إلى ما يقرب من مقام الألوهية، وقد أقاموا له التماثيل والمعابد، وصدر في وقت من الأوقات مرسوم بوجوب تقديم القرابين العظيمة لكونفوشيوس أربع مرات كلّ عام، وأطلقت عليه ألقاب عديدة منها: أنبل الأساتذة، والملك، وأقدس القديسين.
2- اهتم كونفوشيوس بالعلاقات الإنسانية والسلوكيات الاجتماعية وعلاقة البشر فيما بينهم؛ وبالمقابل لم يهتم بالإيمان أو العقيدة، أو علاقة الفرد بخالقه أو مصير الإنسان بعد الموت، أو ما يتعلق بالحساب أو البعث أو اليوم الآخر، وكان يقول: "إن خدمة الإله تصبح لا معنى لها إذا أهملت خدمة الناس". وعندما سأله تلميذ له عن مصير الأرواح بعد خروجها من الأجساد، أجابه قائلاً : "إننا لم ندرس الحياة بعد، فكيف نستطيع أن ندرس الموت؟".
3- تمسّك كونفوشيوس بالتقاليد والأعراف، وتوقير القدماء وكبار السِّن، وتقديس أرواح الأموات، وقَبُول معتقدات الصينيين القدماء.
4- اعتبر كونفوشيوس أنّ الأخلاق هي المبدأ الرئيسي لأي نظام اجتماعي مستقر، وللقانون الأخلاقي عنده أربعة وجوه، هي:
- على الولد أن يُطيع والده ويخضع له.
- على كلِّ مواطن أن يُطيع الحاكم.
- على الأخ الأصغر أنْ يطيع أخاه الأكبر.
- على الأصدقاء أن يعاملوا بعضهم البعض بإخلاص.
5- احترام الملكية الفردية والاعتراف بالنظام الطبقي.
أهم كتب الكونفوشيوسية:
1- المختارات Lun – Yu : ويحوي هذا الكتاب أقوالاً لكونفوشيوس.
2- العلم العظيم: ويُسمّى أيضاً: التعليم الكبير، ويضم اقتراحاته الخاصة بنظام الحكم، ويرجح الباحثون أن هذا الكتاب من عمل شخص لاحق اسمه "هسون تسو" عاش في القرن الثالث قبل الميلاد.
3- عقيدة الوسط: ويحتوي على تعاليم منسوبة لكونفوشيوس حول تنظيم الحياة، والعلاقة بين الطبيعة البشرية والنظام الخُلقي في الكون.
4- كتاب منسيوس أو منشيوس: ويعود تاريخه إلى القرن الثالث قبل الميلاد، وفيه يشرح منسيوس، وهو أهم المعلّمين الكونفوشيوسيين الأوائل، تعاليم كونفوشيوس.
للاستزادة:
1- ط. مفرج ـ موسوعة عالم الأديان، الجزء الرابع، ط2، 2005.
2- موسوعة الأديان (الميسرة) إصدار دار النفائس، ط2، بيروت 2002.
3- الندوة العالمية للشباب الإسلامي ـ الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة، المجلد الثاني، ط3، 1418هـ.
4- د. هوستن سميث، أديان العالم ـ تعريب سعد رستم.
http://www.alrased.net/site/topics/view/1763